التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الرضا بالقدر


  1. الرضا بالقدر

    بسم الله الرحمن الرحيم
    والصلاه والسلام على خير خلق الله

    سؤال ممايخطر ببالنا 


    أرجوكم هناك عدة تساؤلات تطرأ على بالي ولم أجد لها جوابا شافيا وهذا لا يعنيني وحدي فكثير ممن أعرف لديهن نفس ما يجول بخاطري أنا ولله الحمد التزمت منذ حوالي 3 سنوات وهذا لا يعني أنني كنت سابقا لاهية غافلة وإنما أردت أن أتقرب إلى الله أكثر فغيرت من أفعالي واجتهدت في الطاعات على قدر استطاعتي من قيام ليل وحفظ للقرآن وقراءته وفعل الخيرات وترك المنكرات، لكنني في المقابل أواجه ما يسمى بعدم التوفيق في جميع أموري الحياتية، لا أدعو بشيء أريده إلا ذهب عني ، لا أُقبِل على عمل ما إلا وحصلت مشاكل ومنع عني العمل، لا أخبر بعريس يرغب في التقدم لي إلا وألغي الموضوع حتى قبل أن يبدأ، ولا أخفيكم سرا أنني أشعر بتعب نفسي وعباداتي بدأت تتحول عندي إلى عادة وهذا ما لا أريده ، أرى من هنّ أقل مني ومن غيري في مسألة الطاعات لكنهن وفقن في حياتهن بشكل يجعلني أشعر بأنني لست على صواب وبالتالي تدور في خلدي تساؤلات تحيرني وتؤرقني، جل ما أريده تفسيرا يريح بالي ويعيد لي الثقة بالله سبحانه وتعالى ثم بنفسي ويبعدني عن محيط القنوط من رحمة الله تعالى، وبارك الله فيكم شيخنا الكريم.
    الإجابــة

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

    فالذي يريحك من هذا العناء ويدفع عنك تلك الحيرة هو أن تعلمي أنالله تعالى حكيم، فهو سبحانه يضع الأشياء في مواضعها ويوقعها في مواقعها، ولا يقضي قضاء إلا لحكمة بالغة ومصلحة عظيمة، وقد تخفى هذه المصلحة على العبد فيبادر بالتسخط والاعتراض، والأولى له أن يرضى بحكم الله ويستسلم لقضائه وقدره، قال تعالى: وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون{ البقرة:216}.

    والله تعالى لا يقضي قضاء للمؤمن إلا كان خيرا له، فارضي بما يقدره الله ويقضيه واستسلمي لحكم الله فيك واعلمي أنه الخير لك والمصلحة، ولا تظني بالله ظن السوء،
    يقول الحافظ ابن القيم رحمه الله:فأكثر الخلق بل كلهم إلا من شاء الله يظنون بالله غير الْحَقِّ ظَنَّ السَّوْءِ، فَإِنَّ غَالِبَ بَنِي آدَمَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مَبْخُوسُ الْحَقِّ نَاقِصُ الْحَظِّ، وَأَنّهُ يَسْتَحِقُّ فَوْقَ مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ وَلِسَانُ حَالِهِ يَقُولُ: ظَلَمَنِي رَبِّي وَمَنَعَنِي مَا أَسْتَحِقُّهُ، وَنَفْسُهُ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَهُوَ بِلِسَانِهِ يُنْكِرُهُ، وَلَا يَتَجَاسَرُ عَلَى التَّصْرِيحِ بِهِ، وَمَنْ فَتَّشَ نَفْسَهُ وَتَغَلْغَلَ فِي مَعْرِفَةِ دَفَائِنِهَا وَطَوَايَاهَا رَأَى ذَلِكَ فِيهَا كَامِنًا كُمُونَ النَّارِ فِي الزِّنَادِ، فَاقْدَحْ زِنَادَ مَنْ شِئْتَ يُنْبِئْكَ شَرَارُهُ عَمَّا فِي زِنَادِهِ، وَلَوْ فَتَّشْتَ مَنْ فَتَّشْتَهُ لَرَأَيْتَ عِنْدَهُ تَعَتُّبًا عَلَى الْقَدَرِ وَمَلَامَةً لَهُ وَاقْتِرَاحًا عَلَيْهِ خِلَافَ مَا جَرَى بِهِ، وَأَنّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَذَا وَكَذَا، فَمُسْتَقِلٌّ وَمُسْتَكْثِرٌ، وَفَتِّشْ نَفْسَكَ هَلْ أَنْتَ سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ تَنْجُ مِنْهَا تَنْجُ مِنْ ذِي عظيمَةٍ، وَإِلَّا فَإِنِّي لَا إِخَالُكُ نَاجِيًا فَلْيَعْتَنِ اللَّبِيبُ النَّاصِحُ لِنَفْسِهِ بِهَذَا الْمَوْضِعِ، وَلْيَتُبْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَلِيَسْتَغْفِرْهُ كُلَّ وَقْتٍ مِنْ ظَنِّهِ بِرَبِّهِ ظَنَّ السَّوْءِ، وَلْيَظُنَّ السَّوءَ بِنَفْسِهِ الَّتِي هِي مَأْوَى كُلَّ سُوءٍ، وَمَنْبَعُ كُلَّ شَرٍّ الْمُرَكَّبَةِ عَلَى الْجَهْلِ وَالظُّلْمِ، فَهِيَ أَوْلَى بِظَنِّ السَّوءِ مِنْ أَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ وَأَعْدَلِ الْعَادِلِينَ وَأَرْحَمِ الرَّاحِمِينَ، الْغَنِيِّ الْحَمِيدِ الَّذِي لَهُ الْغِنَى التَّامُّ وَالْحَمْدُ التَّامُّ وَالْحِكْمَةُ التَّامُّةُ، الْمُنَزَّهُ عَنْ كُلِّ سَوْءٍ فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَسْمَائِهِ، فَذَاتُهُ لَهَا الْكَمَالُ الْمُطْلَقُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَصِفَاتُهُ كَذَلِكَ، وَأَفْعَالُهُ كَذَلِكَ، كُلُّهَا حِكْمَةٌ وَمَصْلَحَةٌ وَرَحْمَةٌ وَعَدْلٌ، وَأَسْمَاؤُهُ كُلُّهَا حُسْنَى. انتهى.

    وليس الإعطاء من عرض الدنيا الفاني هو علامة الاصطفاء والرضا عن العبد ولا المنع منها هو علامة السخط عليه فقد يمنع الله عبده شيئا من الدنيا وهو يحبه لعلمه أنه لو أعطاه ذلك لكان خلاف مصلحته، والعكس بالعكس، كما قال تعالى:فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن. وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن{ الفجر:15ـ16}.

    كلا، يقول ابن القيم: أي ليس كل من وسعت عَلَيْهِ وأكرمته وَنعمته يكون ذَلِك إِكْرَاما مني لَهُ وَلَا كل من ضيّقت عَلَيْهِ رزقه وابتليته يكون ذَلِك إهانة مني لَهُ. انتهى.

    وبه يتبين لك بيانا واضحا أن العطاء والمنع في الدنيا ليس هو أمارة رضا الله عن العبد أو محبته له، وأن الواجب على العبد أن يصبر لحكم الله وألا يتسخط شيئا من أقضيته عالما أن فيها المصلحة والرحمة والحكمة، وليجتهد في دعاء الرب تعالى أن ييسر له الخير حيث كان، وما تجدينه من الشعور بأنك لست على صواب، وما يدور في خلدك من التساؤلات المحيرة والمؤرقة إنما هو من الشيطان وكيده، يريد بذلك أن يصدك عن الصراط المستقيم، وأن يكدر عليك عيشك، فلا تصغي له ولا تلتفتي إلى وسوسته.

    والله أعلم.

    الاسلام سؤال وجواب 
    اسالكم الدعاء لى ان يجبر الله قلبى ويرضى عنى 
  2. #2
    الصورة الرمزية المتحجبة
    المتحجبة غير متواجد حالياًمراقبة - وفقها الله
    تاريخ التسجيل
    18-08-2007
    المشاركات
    8,537
    اللهم رضني فيما قضيت وعافني فيما أبقيت
    حتى لا أحب تعجيل ما أخرت
    ولا تأخير ما عجلت
     "

    بارك الله في اختيارك أختي الغالية
    ونفـّع به من شاء من المهمومين

    ولنجعل التسبيح ملاذنا
    فبه تحلو مرارة الصبر 

    التسبيح وقود الصبر

    ولنتذكر دائما أن المؤمن الحق
    لا تطول مدة همّه وفتوره ؛
    فهو دائم الذكر ؛ والذكر طارد للهمّ 

    وقال سيدنا محمد صلـى الله عليه وسلم :

    (( مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تفيئها الريح
    تصرعها مرة وتعدلها أخرى حتى تهيج
     ))
    ولطائف جميلة تجدونها في الرابط التالي :
    حديث عظيم فيه تسلية للمؤمن عما يصيبه




  3. #3
    الصورة الرمزية غنيم البورسعيدى
    غنيم البورسعيدى غير متواجد حالياًمراقب - وفقه الله
    تاريخ التسجيل
    28-02-2007
    المشاركات
    34,829
    جزاكم الله خيراً أختنا أمه بباب الله


    تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمـــال


    أسال الله أن يرزقنا الفردوس الأعلى
  4. #4
    تاريخ التسجيل
    20-11-2011
    المشاركات
    112
    بارك الله فيكي وجزاكي الله كل الخير

    اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ القَضَاءِ، وَبَرْدَ العَيْشِ بَعْدَ المَوْتِ، وَلَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ الكَرِيمِ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، وَلاَ فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ، أَوْ أَعْتَدِيَ أَوْ يُعْتَدَى عَلَيَّ، أَوْ أَكْتَسِبَ خَطِيئةًَ أَوْ ذَنْباً لاَ تَغْفِرُه. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ نَعِيماً لاَ يَبِيدُ، وَقُرَّةَ عَيْنٍ لاَ تَنْفَدُ، وَمُرَافَقَةَ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَعْلَى الجَنَّةِ، جَنَّةِ الخُلْدِ. اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الإِيمَانِ وَاجْعَلْنا هُدَاةً مُهْتَدِينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلاَ مُضِلِّينَ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللهُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، الأَحَدُ الصَّمَدُ، الّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدُ، أَنْ تَغْفِرَ لِي وَترحَمَنِي بِتَرْكِ الْمَعاصِي أَبداً ما أَحْيَيْتَنِي.
    الاســـم: get-2-2012-yl6hp5p8.gif
المشاهدات: 226
الحجـــم: 47.5 كيلوبايت
  5. #5
    تاريخ التسجيل
    30-05-2011
    المشاركات
    88
    الله يبارك فيكي ويفتح لك ابواب رحمتو ويعطيك الخير والامل والايمان .
    على فكرة انت تزعليش على هالوضع لانو مش بس انت بعدين بتعرفيش يمكن ربنا بحكمتو بعمل هيك مع المميزين والله اعلم ,عنجد من كل قلبي بتمنالك كل الخير

تعليقات