الرضا بالقدر
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاه والسلام على خير خلق الله
سؤال ممايخطر ببالنا
أرجوكم هناك عدة تساؤلات تطرأ على بالي ولم أجد لها جوابا شافيا وهذا لا يعنيني وحدي فكثير ممن أعرف لديهن نفس ما يجول بخاطري أنا ولله الحمد التزمت منذ حوالي 3 سنوات وهذا لا يعني أنني كنت سابقا لاهية غافلة وإنما أردت أن أتقرب إلى الله أكثر فغيرت من أفعالي واجتهدت في الطاعات على قدر استطاعتي من قيام ليل وحفظ للقرآن وقراءته وفعل الخيرات وترك المنكرات، لكنني في المقابل أواجه ما يسمى بعدم التوفيق في جميع أموري الحياتية، لا أدعو بشيء أريده إلا ذهب عني ، لا أُقبِل على عمل ما إلا وحصلت مشاكل ومنع عني العمل، لا أخبر بعريس يرغب في التقدم لي إلا وألغي الموضوع حتى قبل أن يبدأ، ولا أخفيكم سرا أنني أشعر بتعب نفسي وعباداتي بدأت تتحول عندي إلى عادة وهذا ما لا أريده ، أرى من هنّ أقل مني ومن غيري في مسألة الطاعات لكنهن وفقن في حياتهن بشكل يجعلني أشعر بأنني لست على صواب وبالتالي تدور في خلدي تساؤلات تحيرني وتؤرقني، جل ما أريده تفسيرا يريح بالي ويعيد لي الثقة بالله سبحانه وتعالى ثم بنفسي ويبعدني عن محيط القنوط من رحمة الله تعالى، وبارك الله فيكم شيخنا الكريم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يريحك من هذا العناء ويدفع عنك تلك الحيرة هو أن تعلمي أنالله تعالى حكيم، فهو سبحانه يضع الأشياء في مواضعها ويوقعها في مواقعها، ولا يقضي قضاء إلا لحكمة بالغة ومصلحة عظيمة، وقد تخفى هذه المصلحة على العبد فيبادر بالتسخط والاعتراض، والأولى له أن يرضى بحكم الله ويستسلم لقضائه وقدره، قال تعالى: وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون{ البقرة:216}.
والله تعالى لا يقضي قضاء للمؤمن إلا كان خيرا له، فارضي بما يقدره الله ويقضيه واستسلمي لحكم الله فيك واعلمي أنه الخير لك والمصلحة، ولا تظني بالله ظن السوء،
يقول الحافظ ابن القيم رحمه الله:فأكثر الخلق بل كلهم إلا من شاء الله يظنون بالله غير الْحَقِّ ظَنَّ السَّوْءِ، فَإِنَّ غَالِبَ بَنِي آدَمَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مَبْخُوسُ الْحَقِّ نَاقِصُ الْحَظِّ، وَأَنّهُ يَسْتَحِقُّ فَوْقَ مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ وَلِسَانُ حَالِهِ يَقُولُ: ظَلَمَنِي رَبِّي وَمَنَعَنِي مَا أَسْتَحِقُّهُ، وَنَفْسُهُ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَهُوَ بِلِسَانِهِ يُنْكِرُهُ، وَلَا يَتَجَاسَرُ عَلَى التَّصْرِيحِ بِهِ، وَمَنْ فَتَّشَ نَفْسَهُ وَتَغَلْغَلَ فِي مَعْرِفَةِ دَفَائِنِهَا وَطَوَايَاهَا رَأَى ذَلِكَ فِيهَا كَامِنًا كُمُونَ النَّارِ فِي الزِّنَادِ، فَاقْدَحْ زِنَادَ مَنْ شِئْتَ يُنْبِئْكَ شَرَارُهُ عَمَّا فِي زِنَادِهِ، وَلَوْ فَتَّشْتَ مَنْ فَتَّشْتَهُ لَرَأَيْتَ عِنْدَهُ تَعَتُّبًا عَلَى الْقَدَرِ وَمَلَامَةً لَهُ وَاقْتِرَاحًا عَلَيْهِ خِلَافَ مَا جَرَى بِهِ، وَأَنّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَذَا وَكَذَا، فَمُسْتَقِلٌّ وَمُسْتَكْثِرٌ، وَفَتِّشْ نَفْسَكَ هَلْ أَنْتَ سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ تَنْجُ مِنْهَا تَنْجُ مِنْ ذِي عظيمَةٍ، وَإِلَّا فَإِنِّي لَا إِخَالُكُ نَاجِيًا فَلْيَعْتَنِ اللَّبِيبُ النَّاصِحُ لِنَفْسِهِ بِهَذَا الْمَوْضِعِ، وَلْيَتُبْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَلِيَسْتَغْفِرْهُ كُلَّ وَقْتٍ مِنْ ظَنِّهِ بِرَبِّهِ ظَنَّ السَّوْءِ، وَلْيَظُنَّ السَّوءَ بِنَفْسِهِ الَّتِي هِي مَأْوَى كُلَّ سُوءٍ، وَمَنْبَعُ كُلَّ شَرٍّ الْمُرَكَّبَةِ عَلَى الْجَهْلِ وَالظُّلْمِ، فَهِيَ أَوْلَى بِظَنِّ السَّوءِ مِنْ أَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ وَأَعْدَلِ الْعَادِلِينَ وَأَرْحَمِ الرَّاحِمِينَ، الْغَنِيِّ الْحَمِيدِ الَّذِي لَهُ الْغِنَى التَّامُّ وَالْحَمْدُ التَّامُّ وَالْحِكْمَةُ التَّامُّةُ، الْمُنَزَّهُ عَنْ كُلِّ سَوْءٍ فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَسْمَائِهِ، فَذَاتُهُ لَهَا الْكَمَالُ الْمُطْلَقُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَصِفَاتُهُ كَذَلِكَ، وَأَفْعَالُهُ كَذَلِكَ، كُلُّهَا حِكْمَةٌ وَمَصْلَحَةٌ وَرَحْمَةٌ وَعَدْلٌ، وَأَسْمَاؤُهُ كُلُّهَا حُسْنَى. انتهى.
وليس الإعطاء من عرض الدنيا الفاني هو علامة الاصطفاء والرضا عن العبد ولا المنع منها هو علامة السخط عليه فقد يمنع الله عبده شيئا من الدنيا وهو يحبه لعلمه أنه لو أعطاه ذلك لكان خلاف مصلحته، والعكس بالعكس، كما قال تعالى:فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن. وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن{ الفجر:15ـ16}.
كلا، يقول ابن القيم: أي ليس كل من وسعت عَلَيْهِ وأكرمته وَنعمته يكون ذَلِك إِكْرَاما مني لَهُ وَلَا كل من ضيّقت عَلَيْهِ رزقه وابتليته يكون ذَلِك إهانة مني لَهُ. انتهى.
وبه يتبين لك بيانا واضحا أن العطاء والمنع في الدنيا ليس هو أمارة رضا الله عن العبد أو محبته له، وأن الواجب على العبد أن يصبر لحكم الله وألا يتسخط شيئا من أقضيته عالما أن فيها المصلحة والرحمة والحكمة، وليجتهد في دعاء الرب تعالى أن ييسر له الخير حيث كان، وما تجدينه من الشعور بأنك لست على صواب، وما يدور في خلدك من التساؤلات المحيرة والمؤرقة إنما هو من الشيطان وكيده، يريد بذلك أن يصدك عن الصراط المستقيم، وأن يكدر عليك عيشك، فلا تصغي له ولا تلتفتي إلى وسوسته.
والله أعلم.
الاسلام سؤال وجواب
اسالكم الدعاء لى ان يجبر الله قلبى ويرضى عنى- 08-02-2012 08:30 PM#2مراقبة - وفقها الله
- تاريخ التسجيل
- 18-08-2007
- المشاركات
- 8,537
" اللهم رضني فيما قضيت وعافني فيما أبقيت
حتى لا أحب تعجيل ما أخرت
ولا تأخير ما عجلت "
بارك الله في اختيارك أختي الغالية
ونفـّع به من شاء من المهمومين
ولنجعل التسبيح ملاذنا
فبه تحلو مرارة الصبر
التسبيح وقود الصبرولنتذكر دائما أن المؤمن الحق
لا تطول مدة همّه وفتوره ؛
فهو دائم الذكر ؛ والذكر طارد للهمّ
وقال سيدنا محمد صلـى الله عليه وسلم :
(( مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تفيئها الريح
تصرعها مرة وتعدلها أخرى حتى تهيج ))
ولطائف جميلة تجدونها في الرابط التالي :حديث عظيم فيه تسلية للمؤمن عما يصيبه[ لَوْ عَلِمتُمْ كَيْفَ يُدبّرُ اللهُ أمُورَكُمْ
لذابَتْ قلوبُكُم مِنْ مَحَبّتِهِ ]من مواضيع المتحجبة :
- أصل الذنوب
- مَلل النعمة .. آفة خفية عامة
- اسباب زوال النعم وتعسير الأمور
- الحمامة الزرقاء المتوّجة ..سبحان الله العظيم
- الاستعاذة ومردودها الطيب على النفس
- منع الشيخ عكرمة صبري خطيب المسجد الأقصى من...
- مفتي مصر ( علي جمعة ) يزور المسجد الأقصى .....
- مشروع إسدالات الصلاة والخمارات
- ست عبارات تنفرها منك !
- ناطحة سحاب من آلاف الأشجار
- 09-02-2012 06:25 PM#3مراقب - وفقه الله
- تاريخ التسجيل
- 28-02-2007
- المشاركات
- 34,829
جزاكم الله خيراً أختنا أمه بباب اللهتقبل الله منا ومنكم صالح الاعمـــالأسال الله أن يرزقنا الفردوس الأعلى
لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.من مواضيع غنيم البورسعيدى :
- 27-02-2012 12:19 PM#4
- تاريخ التسجيل
- 20-11-2011
- المشاركات
- 112
بارك الله فيكي وجزاكي الله كل الخير
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ القَضَاءِ، وَبَرْدَ العَيْشِ بَعْدَ المَوْتِ، وَلَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ الكَرِيمِ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، وَلاَ فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ، أَوْ أَعْتَدِيَ أَوْ يُعْتَدَى عَلَيَّ، أَوْ أَكْتَسِبَ خَطِيئةًَ أَوْ ذَنْباً لاَ تَغْفِرُه. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ نَعِيماً لاَ يَبِيدُ، وَقُرَّةَ عَيْنٍ لاَ تَنْفَدُ، وَمُرَافَقَةَ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَعْلَى الجَنَّةِ، جَنَّةِ الخُلْدِ. اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الإِيمَانِ وَاجْعَلْنا هُدَاةً مُهْتَدِينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلاَ مُضِلِّينَ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللهُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، الأَحَدُ الصَّمَدُ، الّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدُ، أَنْ تَغْفِرَ لِي وَترحَمَنِي بِتَرْكِ الْمَعاصِي أَبداً ما أَحْيَيْتَنِي. - 28-02-2012 12:35 AM#5
- تاريخ التسجيل
- 30-05-2011
- المشاركات
- 88
الله يبارك فيكي ويفتح لك ابواب رحمتو ويعطيك الخير والامل والايمان .
على فكرة انت تزعليش على هالوضع لانو مش بس انت بعدين بتعرفيش يمكن ربنا بحكمتو بعمل هيك مع المميزين والله اعلم ,عنجد من كل قلبي بتمنالك كل الخير
تعليقات
إرسال تعليق